تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. logo تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا
shape
باب بدء الوحي من صحيح البخاري
74482 مشاهدة print word pdf
line-top
جدل بين هرقل وقومه

...............................................................................


عند ذلك يقول أبو سفيان ارتفع صوت هرقل وأخذ يجادل ويتجادل مع البطارقة الذين حوله، وارتفعت أصواتهم، يقول: فَأُخْرِجْنَا.. أخرجونا.
فلما خرج يقول: قلت: لقد أَمِرَ أَمْر ابن أبي كبشة.. لقب كانوا يلقبون به النبي صلى الله عليه وسلم، يَتَنَقَّصُون به، لقد أَمِرَ أمره، يعني: ارتفع شأنه، وظهر أمره، حيث يخافه مَلِكُ بني الأصفر، أي: ملك الروم.. كيف أنه يخافه؟ يقول أبو سفيان فما زِلْتُ مُوقِنًا أنه سيُظْهِرُ أمره حتى أدخل الله عَلَيَّ الإسلام؛ يعني حتى أسلم أبو سفيان كان إسلامه في سنة الفتح، لما أن النبي صلى الله عليه وسلم أقبل إلى مكة ومعه الجيوش الذين غزا بهم مكة خرج العباس يتلقى بعضهم، فعرف صوت أبي سفيان فجاء به، وأركبه على فرسه، وجاء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ورَغَّبَهُ في الإسلام، ومازال به إلى أن أسلم، ودخل هو وأهله في الإسلام، وكذلك بَقِيَ أهل مكة مَنْ بقي منهم، فقوتلوا في ذلك اليوم، ثم بعد ذلك أسلموا.. هذا ما كان من أبي سفيان
وأما ما كان من هرقل فَذُكِرَ من شأنه أنه أصبح مرة في قومه مغمومًا عليه آثار الحزن، وعليه آثار التأثر والهم، فسأله بطارقته الذين هم وزراؤه، ومَنْ حوله، وذكروا أنه كان حَزَّاءً؛ يعني مُنَجِّمًا، يَدَّعِي معرفة النجوم، ويَدَّعِي معرفة الأمور المغيبة، فقال: إني نظرت في النجوم، فرأيتُ أن مُلْكَ الختان قد ظهر؛ يعني أَنَّ مَلِكًا قد ظهر، وأنه مَلِكُ الختان، فبطارقته هَوَّنوا أمره، وقالوا: لا يُهِمَّك ذلك، ولا تَحْزَنْ، ولا تَخَفْ على ملكك، وذكروا أنه ما كان أحد يَخْتَتِنُ إلا اليهود؛ لِأَنَّ النصارى ما كانوا يختتنون، وإلى اليوم، فقالوا: لا يهمك أمر اليهود، وابْعَثْ إلى رؤساء البلاد التي تَحْتَك، يُؤْمَرُ بمن فيها من اليهود فيُقْتَلُون، طمأنوه بذلك.
يقول: ثم جاءهم رجل من العرب، وأخبرهم بظهور هذا النبي، الذي هو النبي صلى الله عليه وسلم، فَأُحْضِرَ إلى هرقل فقال: اذهبوا، فانظروا: هل هو مُخْتَتِنٌ؟ فقالوا: نعم هو مُخْتَتِنٌ، وأخبره بأن العرب كلهم يختتنون، وأن هذا من مِلَّةِ إبراهيم عليه السلام، فالحاصل أنه لما أخبره بظهور النبي محمد صلى الله عليه وسلم أراد أن يستدعي قومه، وأن يستدعي بطارقته ورُؤَسَاءَهُ إلى أن يُسْلِمُوا، فدعاهم وقال لهم: هل لكم في بقاء مُلْكِكُم؟ وهل لكم في بقاء شَرَفِكُم ودولتكم وبلادكم؟ فتتبعون هذا الرجل الذي يَدَّعِي أنه نبي، فلما قال لهم هذه المقالة نفروا من كلمته نفرة حُمُر الوحش، وكان قد أُغْلِقَ الأبواب، فذهبوا وإذا الأبواب قد غلقت، فقال: رُدُّوهم، فلما رجعوا قال.

line-bottom